أرسلت السيدة س0 م 0 ن 37 سنة، تقول إنها منذ سنتين وأنا أعانى من إسهال شديد مصاحب بآلام أسفل البطن، مع غثيان وقىء وفقدان للوعى وعندما استشرت أكثر من طبيب وعملت التحاليل اللازمة أخبرونى أننى أعانى من مرض إديسون.
أريد أن أعرف ما هو وكيفية علاجه؟
يجيب عن هذا السؤال دكتور إبراهيم داود أستاذ الجراحة بطب المنصورة قائلا:
لا يعمل جهاز الغدد الصماء، أو ما يعرف بالجهاز الهرمونى، على إنتاج الهرمونات التى تعتبر إشارات كيميائية تنتقل عبر الدم إلى جميع أنحاء الجسم، فتواكب وتسيطر على جميع التغيرات الجسدية والعاطفية التى يمر بها الإنسان منذ الولادة حتى آخر العمر.
وتعمل كل غدة من هذه الغدد الموزعة فى أماكن مختلفة من الجسم على إفراز هرموناتها الخاصة بها بطريقة مرتبة ومنظمة، لتعمل جميعها بصورة هرمونية متوازنة لمساعدة الجسم على توازنه الصحى.
وفى حال حدوث خلل ما فى هذا النظام الهرمونى بسبب نقص أو فرط إفراز أحد هذه الهرمونات، يبدأ الجسم بالمعاناة من أعراض هذه المشكلة، وقد تتفاوت الأعراض فى شدتها من العرض البسيط الذى يمكن تجاهله، حتى قمة المرض.
ومن الأعراض البسيطة التى قد يعزوها الإنسان إلى أى أمر آخر، الشعور بالتعب والإنهاك والإرهاق المزمن، والتى تعتبر من أولى علامات مرض أديسون.
ويمكن تعريف مرض أديسون (Addison"s disease). هو أحد أمراض الغدد الصماء المعروفة، ويعرف أيضا بمرض القصور الكظرى (adrenal insufficiency ) أو مرض نقص الكورتيزول (hypocortisolism)، وتحدث الإصابة به بسبب نقص إفراز هرمونات الغدة الكظرية (الكورتيزول والألدوستيرون)، والتى تعرف أيضا بالغدة فوق الكلوية لوجودها فوق الكلية.
حيث يصيب مرض أديسون النساء والرجال بنسب متساوية فى أى عمر، ولكن فى الغالب ما تتم الإصابة به بين عمر الثلاثين والخمسين.
وينتمى هرمون الكورتيزول إلى مجموعة الجلوكوكورتيكويد التى تعمل وتؤثر على جميع أعضاء وأنسجة الجسم. وعلى الرغم من وجود مئات التأثيرات والوظائف لهذا الهرمون، فإن تأثيره الأهم يكمن فى مساعدته جسم الإنسان على التعامل مع الضغوط بجميع أشكالها الموجهة إلى هذا الجسم.
ومن وظائفه المهمة:
- ضبط ضغط الدم ووظائف القلب.
- إبطاء الالتهابات الناتجة عن تفاعل جهاز المناعة.
- يساعد على عملية التوازن بين تكسير الأنسولين واستخراج الطاقة.
- تنظيم عمليات الأيض للبروتينات والكربوهيدرات والدهون.
- يساعد الجسم على الإحساس المضبوط بالصحة السليمة للجسم.
وهرمون الألدوستيرون ينتمى إلى مجموعة المينرالوكورتيكويد (mineralocorticoids) التى تفرزها الغدة الكظرية.
ووظائف الألدوستيرون تتمثل فى أنه:- يساعد فى المحافظة على المعدل الطبيعى لضغط الدم.
- يحافظ على التوازن بين الأملاح والماء فى الجسم.
- يساعد الكلى على التخلص من البوتاسيوم والاحتفاظ بالصوديوم.
وهناك عدة أسباب لمرض أديسون فتنتج أغلب حالات مرض أديسون (نحو70%) بسبب مرض مناعى ذاتى، حيث ينتج الجهاز المناعى فى جسم الإنسان أجساما مضادة تهاجم وتدمر الطبقة الخارجية للغدة الكظرية، والتى تعرف بالقشرة، مما ينتج عنه قلة إفراز هرمونى الكورتيزول والألدوستيرون.
وفى بعض الحالات الأخرى (20%) ينتج المرض بسبب إصابة الغدة بالدرن الذى يعمل على تدمير الغدة الكظرية.
وهناك أسباب أخرى تشمل: الالتهابات المزمنة، وبالأخص الالتهابات الفطرية، وانتشار الخلايا السرطانية إلى الغدة الكظرية من أعضاء أخرى فى الجسم كالرئتين أو الثديين، أو بسبب الاستئصال الجراحى للغدة.
وفى حالات نادرة قد يتسبب فشل الغدة النخامية (الغدة الأم) فى إنتاج الهرمون المحفز أو المنشط للغدة الكظرية لإنتاج هرمون الكورتيزول، فى حصول حالة خطرة تعرف بالقصور الكظرى الثانى، كنتيجة لانخفاض إفراز هرمون الكورتيزول على الرغم من سلامة الغدتين الكظريتين، حيث إنهما لا تحصلان على تنبيه كاف نظرا إلى الخلل الوظيفى فى الغدة النخامية.
وهناك عدد من الأعراض حيث تظهر أعراض مرض أديسون تدريجيا، فتبدأ الأعراض الأساسية للمرض فى الظهور بالتعب والإرهاق والضعف، ثم تتطور إلى ضعف وألم فى العضلات مع فقدان للشهية، الأمر الذى يؤدى إلى فقدان الوزن.
وتشمل الأعراض الأخرى:- الغثيان والقىء والإسهال.
- الإحساس بالدوار أو الدوخة أو الإغماء عند الوقوف بسبب انخفاض ضغط الدم.
- تغير لون الجلد إلى اللون الداكن أو البرونزى الغامق، فى أجزاء الجلد المغطاة والمكشوفة على السواء، ولكن التغير يلاحظ بشدة فى ثنيات الجلد وأماكن الضغط كالمرفقين والركبتين والمفاصل والشفاه والأغشية المخاطية.
ويتغير لون الجلد بهذا الشكل بسبب زيادة إنتاج هرمون الغدة النخامية الذى يحفز إنتاج وإفراز صبغة الميلانين.
- الإصابة بأعراض انخفاض السكر.
- الشعور بالاكتئاب وعدم الاتزان والهيجان.
- تصاب النساء باضطرابات الدورة الشهرية أو انقطاعها.
- الرغبة القوية فى تناول الطعام المالح، وذلك بسبب نقص ملح الصوديوم فى الجسم.
ومن الملاحظ أنه بسبب عمومية الأعراض وتقدمها بشكل تدريجى وبطىء، فقد يتجاهلها المصاب ولا يعيرها الاهتمام الكافى، حتى يصاب فجأة بما يعرف بصدمة أو أزمة أديسون (addisonian crisis)، أو نوبة القصور الكظرى الحاد، والتى تحدث للمرضى المصابين بمرض أديسون دون تشخيص المرض لدى تعرضهم لأى أزمة حادة، كالإجهاد الشديد أو الضغط أو التوتر النفسى أو الإصابات الجسدية أو حالات العدوى.
ومن المهم جدا اللجوء إلى العناية الطبية نظرا لخطورة صدمة أديسون على حياة المريض فى حال عدم تناول العلاج الإسعافى اللازم.
وهناك عدد من الأعراض لصدمة أديسون
- الغثيان والقىء.
- ألم حادّ أسفل البطن والظهر والأرجل.
- إسهال شديد وجفاف.
- انخفاض فى ضغط الدم.
- الارتباك أو الذهول.
- فقدان الوعي.
أما عن التشخيص فيتم التشخيص بالتعرف على التاريخ المرضى والأعراض التى يعانى منها المريض، وعلى الأخص التغيرات اللونية الجلدية التى قد توجه الطبيب نحو هذا المرض، ومن ثم إجراء الفحوصات الطبية التى تشمل اختبار تحفيز الغدة النخامية، وقياس نسبة الكورتيزول فى الدم والبول، وإجراء أشعة سينية للبطن، والتى قد تظهر ترسبات الكالسيوم على الغدة الكظرية فى حال إصابتها بالدرن، وعمل اختبارات الدرن، وعمل أشعة مقطعية على الدماغ لمعرفة وضع الغدة النخامية فى حالات القصور الكظرى الثانوى.
أما العلاج فيتم باستبدال أو تعويض الهرمونات الناقصة التى لا تستطيع الغدة إنتاجها، فيعطى هرمون الكورتيزول على شكل حبوب، مرتين يوميا، والفلودروكورتيزون وهو الهرمون المعوض لنقص الألدوستيرون. وقد يوصى الطبيب بالإكثار من تناول ملح الطعام.
وعن علاج صدمة أديسون فإن انخفاض ضغط الدم، ونقص السكر فى الدم، وارتفاع ملح البوتاسيوم، وانخفاض ملح الصوديوم فى الدم، لهى من الخطورة التى قد تودى بحياة المريض، لذا يتم العلاج فورا عن طريق الحقن بالوريد لمحاليل الملح والجلوكوز وهرمون الكورتيزون، وباعتماد هذه العلاجات الأساسية الحيوية يتم التحسن بشكل سريع فى حالة المريض.
وعند استطاعة المريض (بعد التغلب على الصدمة) تناول العلاج عن طريق الفم، يتم إنقاص جرعة الكورتيزون عن طريق الوريد وتعويضها بتناول الهرمون التعويضى للكورتيزول والألدوستيرون عن طريق الفم.
الكاتب: أسماء عبد العزيز
المصدر: موقع اليوم السابع